“تيذر” تتجاوز ألمانيا بحيازات سندات الخزانة الأميركية بقيمة 120 مليار دولار

خطت “تيذر” صفحة جديدة في تاريخها المالي، إذ تجاوزت رسميًا، بصفتها الجهة المُصدّرة لعملة USDT، العملة المستقرة الرائدة عالميًا، ألمانيا في ترتيب حاملي سندات الخزانة الأميركية.
فبحسب بيانات وزارة الخزانة الأميركية، استثمرت “تيذر” أكثر من 120 مليار دولار في هذه السندات السيادية، مقارنةً بـ 111.4 مليار دولار لألمانيا. وتضع هذه القفزة النوعية شركة العملات الرقمية في المرتبة التاسعة عشرة عالميًا بين جميع الدول والمؤسسات المُستثمرة في أدوات الدين الأميركية.
ولم تكن هذه الزيادة وليدة اللحظة، إذ صعدت “تيذر” خلال عام 2024 إلى المركز السابع بين أكبر مشتري سندات الخزانة الأميركية على أساس سنوي، متقدمةً على العديد من القوى الاقتصادية الكبرى مثل كندا، وتايوان، والمكسيك، والنرويج.

وفي تعليقها على هذا الإنجاز، قالت الشركة في أحدث تقاريرها ربع السنوية: “يُعزّز هذا الإنجاز استراتيجيتنا الحذرة في إدارة الاحتياطيات، ويُبرز دورنا المتنامي في توزيع السيولة الدولارية على مستوى العالم”.
ويتزامن هذا النمو اللافت مع ارتفاع القيمة السوقية لعملة USDT، التي تجاوزت مؤخرًا حاجز 150 مليار دولار. وبهذا، تُهيمن “تيذر” حاليًا على أكثر من 61% من سوق العملات المستقرة العالمي، مما يُعزز مكانتها كشركة رائدة بلا منازع في هذا القطاع المتسارع النمو.

استراتيجية تنويع ناجحة في وجه تقلبات السوق

في ظل الاضطرابات المستمرة التي يشهدها سوق العملات الرقمية، أثبتت استثمارات “تيذر” التقليدية كفاءتها العالية خلال الربع الأول من عام 2025. فقد أعلنت الشركة عن تحقيق أرباح فاقت مليار دولار من “استثماراتها التقليدية”، ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى الأداء القوي لمحفظتها من سندات الخزانة الأميركية.

كما أشار تقرير الشركة إلى أن احتياطياتها من الذهب “عوّضت تقريبًا” الخسائر الناجمة عن تقلبات السوق الرقمية، ما يُؤكد فعالية استراتيجيتها في تنويع الأصول، ويُبرز نضجها المتزايد كمُصدر للعملات المستقرة قادر على التوازن بين التمويل التقليدي والابتكار الرقمي.

مناخ تنظيمي متغير

يتزامن هذا الأداء المالي المميز مع تصاعد الجهود التنظيمية في الولايات المتحدة. إذ يناقش الكونغرس حاليًا مشروعي قانونين رئيسيين: قانون STABLE، الذي تمّت الموافقة عليه بالفعل في لجنة بمجلس النواب، وقانون GENIUS، الذي واجه بعض المقاومة السياسية في مايو. ويهدف كلا المشروعين إلى تنظيم العملات المستقرة داخل السوق الأمريكية بشكل أوضح وأشمل.
وفي هذا السياق، تتحضّر “تيذر” لإطلاق عملة مستقرة جديدة تستهدف السوق الأميركية، ومصمّمة خصيصًا للمؤسسات المالية الخاضعة للتنظيم. وهي خطوة استراتيجية قد تُعزّز مكانة الشركة أكثر ضمن النظام المالي العالمي.

مستقبل جديد للتمويل العالمي

يمثل صعود “تيذر” الصاروخي في الأسواق المالية التقليدية نقطة تحوّل تاريخية في المشهد الاقتصادي العالمي. فمع تنامي شعبية العملات المستقرة، تتلاشى تدريجيًا الحدود بين التمويل التقليدي والابتكار في مجال العملات الرقمية. ويُدرك مستثمرو رأس المال المغامر هذه الديناميكية جيدًا، إذ يراهنون بكثافة على قطاع من المتوقع أن تتجاوز قيمته السوقية 2000 مليار دولار بحلول عام 2028.